Insert text here

أيلة الدوحة: تحفة معدنية

11 يونيو 2024

الدكتورة منية شخاب أبو ديّة

يعتبر تمثال أنثى الغزال المعروف باسم "أيلة الدوحة" من أبرز مقتنيات متحف الفن الإسلامي، وقد صُنع بإتقان كجزء من قصر مهيب في القرن العاشر خلال عهد الدولة الأموية في الأندلس.

المشاركة مع صديق

من القرن الثامن إلى القرن الحادي عشر الميلادي (القرن الثاني إلى الخامس الهجري)، شكلت الإمارة الأموية ثم خلافة الأندلس فترة مهمة في تاريخ العمارة الإسلامية، والتي تميزت بمزيج من التأثيرات الثقافية المتنوعة ومبادئ التصميم المبتكرة.

أسست الدولة الأموية، التي نشأت في دمشق بسوريا، حكمها في الأندلس (إسبانيا والبرتغال حالياً) بعد فتح شبه الجزيرة الأيبيرية عام 711 ميلادي (92 هجري). ازدهرت الأندلس في تلك الحقبة بصفتها مركزاً للحضارة الإسلامية، وشهدت تقدماً كبيراً في مختلف المجالات، بما فيها الهندسة المعمارية.

بين عامي 940 و1010 ميلادي (330 و400 هجري)، كانت مدينة الزهراء مركز السلطة، وهي مدينة بالقرب من قرطبة، بناها عبد الرحمن الثالث، وكانت مقر الحكم والطبقة الحاكمة. وشهدت هذه الفترة بناء القصور الكبرى والمساجد والتحصينات، مما عزز سمعة المدينة في الفخامة والرقي. يعكس الفن الذي نشأ في مدينة الزهراء مزيجاً من لمسات منطقة البحر المتوسط، والتقاليد المحلية في إسبانيا، والتراث الثقافي لموطن الأمويين في سوريا.

وفي قلب ساحات القصر، الذي بني في القرن العاشر الميلادي (القرن الرابع الهجري) بأمر من الخليفة، يوجد حوض رخامي مزين بنوافير على شكل حيوانات مختلفة. من بينها رأس نافورة رائع على شكل أيلة حمراء (أنثى غزال). تُعرف هذه التحفة الفنية باسم "أيلة الدوحة"، وتتميز بجمالها وارتباطها الكبير بمنحوتات أخرى من منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط.

إتقان الصنعة

TBC

تبدو وقفة الحيوان طبيعية، ويتكون الجسم من قطعة واحدة صنعت باستخدام عملية السَّبْك بالشمع المفقود.

صُبَّ جسم الحيوان على شكل قطعة واحدة باستخدام عملية السَّبْك بالشمع المفقود، وقد صنعت القاعدة بشكل منفصل. وتبدو وقفة الحيوان طبيعية، حيث يرتكز قليلاً على قوائمه، ورأسه مرفوع، وأذناه منتصبتان، وعيناه بيضاويتا الشكل، وفمه مفتوح، بينما يبدو وجهه منمقاً للغاية. ومن المحتمل أن يكون هذا التمثال مستوحى من حيوان مستأنس، عاش في حديقة حيوانات ملكية.

TBC
TBC

يتميز سطح التمثال بنمط متكرر من النقوش يمثل أنصاف سعيفات داخل دوائر، بالإضافة إلى عرف مضفر ونجمة ثمانية بارزة على جبهته. حقوق الصورة © متحف الفن الإسلامي، الدوحة

سطح الحيوان محفور بالكامل بنمط متكرر يمثل أنصاف سعيفات داخل دوائر، مع عرف مضفر ونجمة ثمانية بارزة على جبهته. وتعطي زخارفه انطباعاً بأن الحيوان مغطى بقماش فاخر ذي شراشيب. توضح هذه التحفة مدى المهارة الحرفية للأمويين في الأندلس.

يشير فم التمثال المفتوح إلى وظيفته كرأس نافورة، ونظراً لعدم وجود أي فتحة مباشرة في بطن الأيلة، أو أنبوب يؤدي إلى الفم، يُعتقد أن الماء كان ينساب مباشرة من أحد الأنابيب إلى القاعدة، ثم يجري عبر السيقان إلى الجسم ثم يتدفق من الفم.

الفن والمُلك

كانت المقتنيات الثمينة في إسبانيا، كالمشغولات المعدنية والعاجية والرخامية والمنسوجات الحريرية، تُصنع بطلب من الطبقة الملكية، مما يدل على أن أحد رجال الأسرة الأموية التي حكمت إسبانيا طلب صناعة هذه القطعة. وقد عُثر على نماذج مماثلة في أنقاض قصر مدينة الزهراء.

تعد أيلة الدوحة رمزاً للإبداع الفني والتراث الثقافي لتلك الحقبة الزمنية، وتدعو الزوار إلى الاحتفاء بجمالها الخالد وأهميتها التاريخية. وتنتمي هذه القطعة إلى مجموعة أكبر من منحوتات الحيوانات المعدنية التي تعود إلى إسبانيا وجنوب إيطاليا، بما فيها عنقاء بيزا (ضمن مجموعة متحف ديل أوبرا ديل دومو في بيزا) وأسد ماري تشا (الموجود حالياً في متحف اللوفر أبو ظبي).

الدكتورة منية شخاب أبو ديّة، أمين أول لقسم شمال إفريقيا وأيبيريا في متحف الفن الإسلامي.

شاهدها بنفسك

Insert text here

أيلة الدوحة في المقدمة وسلسلة من تيجان الأعمدة الحجرية من مدينة الزهراء، وعوارض خشبية مطلية من قرطبة

تُعرض أيلة الدوحة في قاعة العرض 8 في متحف الفن الإسلامي. خطط لزيارة المتحف والاستمتاع بمشاهدة هذه التحفة الفنية وغيرها من مقتنيات المجموعة الدائمة.

خطط للزيارة