Picture of a Blue and white bowl

تحفة عباسية: جفنة باللونين الأزرق والأبيض

5 نوفمبر 2024

سيمون ستورث

هذه الجفنة، المعروضة في متحف الفن الإسلامي تجسّد الابتكار الذي تميّز به الخزّافون العراقيون، الذين استلهموا الأفكار من الخزف الصيني لصناعة قطع رائعة من الخزف الأزرق والأبيض.

المشاركة مع صديق

TBD

في العصر العباسي (132-656هـ/750-1258م) بلغت التجارة عبر المحيط الهندي آفاقاً جديدة، حيث استفادت من الرخاء التجاري للخلافة واستقرارها السياسي المتزايد. ومن عاصمتهم الجديدة في بغداد، الواقعة بين نهري دجلة والفرات، كان للعباسيين وصول مباشر إلى المحيط الهندي عبر ميناء "الأبلة" القريب من البصرة. وإلى الشرق، جلب صعود سلالتي تانغ وسونغ (618-907م و960-1279م) في الصين حقبة مماثلة من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي. وقد حفزت هذه البيئة الطلب على السلع الفاخرة الغريبة بين النخب الحضرية من كلا الطرفين العباسي والصيني، مما أدى إلى تطوير شبكة تجارية دولية ربطت العراق العباسي بالصين في عهد تانغ.

كانت المشغولات الخزفية الصينية من بين السلع التي صُدّرت بشكل متكرر عبر المحيط الهندي إلى العراق. أما المنتجات الرئيسة التي كانت منطقة الخليج تصدّرها فهي اللؤلؤ والخيول والمنتجات الزراعية، وخاصة دبس التمر، وهو مُحلّي طبيعي غني يُقدّم على شكل شراب مصنوع من التمور المهروسة، ويُعرف باسم "الدبس". وقد حظي هذا المنتج بإشادة كبيرة في دستور الأدوية الصيني لخصائصه العلاجية الخاصة. وكان للطلب على التمور الطازجة ودبس التمر والعسل وغيرها من السلع تأثير اقتصادي هائل على المنطقة، بنباتاتها وحيواناتها الغنية.

من الإلهام إلى التنفيذ

سرعان ما بدأ الخزّافون العراقيون المفتونون بالمنتجات الفاخرة القادمة من الصين،بتطوير ما يماثلها محلياً. بما أن الخزف كان يُصنع من طين الكاولين وهي مادة فريدة كانت متوفرة فقط في الصين في ذلك الوقت، فإنه كان على الخزافين في العراق، وتحديداً الخزافين المهرة من البصرة، أن يجدوا بديلاً، فقاموا بمحاكاة اللون الأبيض للخزف من خلال اختراع طلاء أبيض غير شفاف لتغطية جسم الخزف الأصفر الفاتح. ولتزيين القطع أضافوا نقوشاً أو تصاميم باللون الأزرق الكوبالتي.

TBD
TBD

تظهر هذه الجفنة نقشاً كوفياً بارزاً باللون الأزرق الكوبالتي نصه يقول 'ما عمل صلح'. في هذا النوع من الأوعية، غالباً ما يشير النقش إلى الحظ السعيد أو إلى اسم الخزاف.

هذه الجفنة هي مثال رائع لما يسمى الخزف الأبيض والأزرق، وهي تحاكي شكل السلع الصينية المستوردة باهظة الثمن، علماً بأن استخدام أكسيد الكوبالت الأزرق كان على الأرجح ابتكاراً عراقياً محلياً. تحمل الجفنة نقشاً كوفياً باللون الأزرق الكوبالتي نصّه يقول 'ما عمل صلح'.. تظهر النقوش في مكان بارز من الطبق بشكل غير متماثل وتشير إما إلى الحظ السعيد أو تذكر اسم الخزاف.

أصبحت الأواني المزخرفة باللونين الأبيض والأزرق شائعة جداً في جميع أنحاء الدولة العباسية، وعُثر عليها بأعداد كبيرة في العديد من المواقع الأثرية في العراق مثل الحيرة أو كيش أو سامراء. وقد تم اكتشافها أيضاً في منطقة الخليج، وتحديداً في موقع مروب العباسي في قطر.

سيمون ستروث، أمينة الأراضي الإسلامية الوسطى، متحف الفن الإسلامي

شاهد القطعة عن قرب

Insert Text Here

منظر عام مع عرض للخزفيات الأموية والعباسية والمشغولات الزجاجية والمعدنية في المراحل المتأخرة من الخلافة

يُمكنك مشاهدة هذه القطعة المميزة في القاعة 6 بمتحف الفن الإسلامي. خطط لزيارتك اليوم لرؤيتها عن قرب، حيث تُعرض بجانب كنوز أخرى تعود إلى أهم عصور الخلافة في التاريخ الإسلامي: الأموي، والعباسي، والفاطمي.

خطط للزيارة