tbc
الباحثون

بغداد: رمز للمجد الإسلامي

24 يناير 2023

مقابلة مع الدكتورة جوليا غونيلا

يحتفي معرض "بغداد: قرَّة العين"، الذي يستمر عرضه في متحف الفن الإسلامي لغاية 25 فبراير، بتاريخ المدينة وإرثها العتيد. تطلعنا المديرة السابقة لمتحف الفن الإسلامي، الدكتورة جوليا غونيلا، على الأهمية الفريدة التي تحملها مدينة بغداد داخل الوطن العربي وخارجه.

المشاركة مع صديق

س: ما الذي يميّز هذا المعرض؟

الدكتورة جوليا غونيلا: هذا المعرض هو أول معرض يقيمه متحف دولي كبير عن مدينة بغداد. أردنا الاحتفاء بالإرث الرائع لهذه المدينة الشرق أوسطية المهمة، ليس فقط لزوار كأس العالم FIFA قطر ٢٠٢٢™، بل أيضاً كجزء من العام الثقافي المخصص لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان. تشغل مدينة بغداد وتاريخها وثقافتها مكانةً مهمةً في أفئدة أبناء العالمين العربي والإسلامي، لكن إرثها العظيم يكاد يُنسى للأسف، بسبب الحروب والمآسي التي تعرَّضت لها في الأربعين سنةً الماضية، خاصة بالنسبة للعديد من زوارنا الأجانب.

س: ماذا تمثّل بغداد لدولة قطر وللعالمين العربي والإسلامي؟

غونيلا: كانت بغداد عاصمة الخلفاء العباسيين لمدة خمسة قرون (762 إلى 1258م)، عندما كان العالم العربي يحكم الكرة الأرضية. ترمز المدينة بالتأكيد إلى "العصر الذهبي" للتاريخ الإسلامي، ويجب وضعها في مصاف العواصم القديمة الأخرى مثل أثينا وبكين وروما ولندن، التي كان لها تأثير على التاريخ العالمي. وباعتبارها مقراً للخلفاء، كانت مدينةً تمتلك السلطة والنفوذ، بقصورها الرائعة وحدائقها وملاعبها. لقد كان لها تأثير منظور على العالم الخارجي أيضاً، فقد أدت استثمارات المدينة في التجارة والبنية التحتية إلى اقتصاد مزدهر وانتشار عالمي، مع الحفاظ على صناعات محلية قوية في الوقت ذاته. والأهم من هذا كله كان ارتباط بغداد بالعلم والمنح الدراسية المتميزة، حيث استثمر الخلفاء في المدارس والمكتبات والأوساط الأكاديمية. وفي هذا الإطار لا يمكن أن ننسى حركة الترجمة العظيمة ومساهمات بغداد في إغناء العلوم للعالم كله. كانت بغداد عاصمة الفنون والموسيقى والأدب التي تركت أثراً لا يُمحى في الأجيال القادمة.

tbc

بغداد، مدينة الأسواق والتجارة. صورة شاملة لطاولة عرض مركزية


tbc

بغداد، مدينة الأسواق والتجارة. صورة شاملة لطاولة عرض مركزية تظهر بعض ملصقات السفر والخرائط التاريخية. معارة من مكتبة قطر الوطنية، الدوحة

س: يأخذ المعرض الزوار في جولة رائعة في بغداد على مدى قرون عديدة. ما الذي يستخلصه الزائر من هذه التجربة؟

غونيلا: نأمل أن يدرك الزائر أهمية بغداد كمركز اقتصادي وسياسي مهيمن في القرنين التاسع والعاشر تحت حكم الخلفاء العباسيين، فضلاً عن كونها مركزاً فكرياً وفنياً متميزاً حقَّق الكثير من التطورات والابتكارات العلمية الرائدة عالمياً، وجذب كبار العلماء والمفكرين.

يكشف المعرض أن ثقافة بغداد لم تتوقف بعد الفتح المنغولي المدمّر للمدينة عام 1258، والذي يُنظر إليه في الغالب على أنه سقوط الحكم العباسي / العربي، بل استمرت أهميتها، لاسيما مع اكتشاف النفط في القرن العشرين، حيث عادت لتصبح مركزاً سياسياً واقتصادياً وثقافياً مهماً.

سيلمس زائر المعرض كيف ساهم تراث بغداد العباسي في الإنتاج الفني للقرن العشرين.

س: ما الأبحاث أو المعلومات الجديدة التي يقدمها المعرض؟ وما الذي سيدهش الزائر برأيك؟

غونيلا: نعتقد أن الجمع بين القديم والحديث سيكون بمثابة مفاجأة للكثيرين، الذين قد لا يتوقعون كيف استمر تراث بغداد بالعيش. من المهم أن نقول إن المعرض لا ينتهج خطة سردية زمنية كالتي نراها في كتب التاريخ، بل هو أشبه بمشوار في مدينة تريد استكشافها، يقودك عبر مجالات مختلفة من حياة المدينة. إنها رحلة مثيرة للذكريات تعبق بأجزاءٍ عاطفية قوية يؤججها الشعر والأفلام والصور والموسيقى. سيتعرف الناس على بعض الأشياء التي يعرفونها، لكنهم سيكتشفون أيضاً أشياء جديدة لم يكونوا يعرفونها.

يتضمن كتالوج المعرض العديد من المقالات شارك بها باحثون ومفكرون دوليون حول مواضيع مختلفة تتناول بغداد، تاريخها، بنيتها التحتية، عمارتها وتخطيطها الحضري، وكذلك فنونها قديماً وحديثاً.

س: كيف يتناسب هذا المعرض مع رؤية متحف الفن الإسلامي الذي يحتضن واحدة من أكثر مجموعات الفن الإسلامي شمولية في العالم؟

غونيلا: يعرض المتحف فنوناً إسلامية جُمعت من ثلاث قارات، وتغطي فترةً زمنية تمتد من القرن الثامن إلى القرن التاسع عشر. كانت بغداد المركز الحضري الرئيسي للعالم الإسلامي بأسره ومصدر إلهام كبير، كما كانت محفزاً للفنون والثقافة والعلوم التي أثرت في الأجيال التي تلت.

يحتفل هذا المعرض بالمكانة الخاصة التي تتمتع بها بغداد في العالم العربي ويذكرنا بأن رؤية المدينة لا تزال تلهم الناس داخل بغداد وخارجها.

الدكتورة جوليا غونيلا، المديرة السابقة لمتحف الفن الإسلامي.