Painting of a coast in Baghdad, with a mosque and several boats in the background
جميع القصص
الباحثون

الإرث الشِّعري لمدينة بغداد

7 فبراير 2023

علي الزهيري

منذ تأسيسها، كانت بغداد عاصمة للشعر والتاريخ. ويسلّط معرض "بغداد: قرة العين"، المقام في متحف الفن الإسلامي حتى 25 فبراير، الضوء على عدد من القصائد والشعراء الذين تغنّوا بجمال هذه المدينة الاستثنائية.

المشاركة مع صديق

لطالما شكل الشعر جزءاً أساسياً من الوجدان العربي، وكان شاهداً على تراث وتاريخ الأمة العربية والإسلامية.

وقد حظيت بغداد بجزء كبير من هذا الموروث العظيم بصفتها مقراً للخلافة الإسلامية وإحدى أهم مدن العالم على مدى خمسة قرون من حكم العباسيين. وقد شهدت الأمة الأسلامية في ذلك الوقت أزهى عصورها، فازدهرت خلالها العلوم والآداب والفنون والموسيقى. وكان للشعر أيضاً نصيب من ذلك الازدهار.

ألهم تصميم المدينة خيال الشعراء الذين ارتبطوا بها، فرسموا لها صوراً بالكلمات، وأطلقوا عليها الكثير من الأسماء والألقاب في قصائدهم، منها "مدينة السلام" و"قرة العين".

كانت بغداد قبلة للمواهب الطموحة، والمكان الذي يبني فيه الكتّابُ والشعراءُ سمعتهم، نظراً لكونها مركزاً ثقافياً واقتصادياً وفكرياً عالمياً خلال ما عرف باسم "العصور الذهبية".

وبما أنه لم يصلنا آثار مادية من بغداد في العصور الوسطى، فقد اعتمد القيّمون الفنيّون بشكل كبير على النصوص التاريخية أثناء التحضير للمعرض، وخاصة الشعر، من أجل إعادة تصور ما كانت عليه تلك المدينة العظيمة ذات يوم. كما كان الشعر سبباً في اختيار عنوان المعرض المستوحى من بيت شعر قاله عمرو بن عبد الملك الوراق في أوائل القرن التاسع، يصف فيه بغداد بأنها "قرة العين".

مَن ذا أَصابَكِ يا بغدادُ بالعَينِ أَلم تَكوني زماناً قُرَّةَ العَينِ

الشاعر "عمرو بن عبد الملك الوراق (توفي عام 815)

وردت أوصاف بغداد، الحقيقية منها والخيالية، على لسان العديد من الشعراء الذين كتبوا عن المدينة منذ تأسيسها في القرن الثامن وحتى يومنا هذا. وقد ظلت بغداد حية في الشعر على الرغم من كل مآسيها التاريخية، من غزو وتدمير على يد المغول عام 1258، إلى الحروب العديدة التي واجهتها المدينة في القرن العشرين.

وبالسير على هدي ما تركه لنا المؤرخون والشعراء، استطعنا أن نزور بخيالنا مدينة بغداد الدائرية بقصورها الفخمة وحدائقها المهيبة، والتعرف على المدينة التي شكلت مركزاً علمياً وتجارياً، والتعرف على سكانها القادمين من مختلف أنحاء العالم.

واحتفاء بدور وقيمة الشعر في تاريخ بغداد، يتضمن معرض "بغداد: قرة العين" وكل فصل من فصول كتالوج المعرض مقتطفات من قصائد كُتبت في وصف المدينة، لتمثل هذه المقتطفات افتتاحيات خيالية لكل فصل.

عمارة بن العقيل (798 – 853)

ما مثل بغداد في الدنيا ولا الدين على تقلّبها في كلّ ما حين

سقيا لتلك القصور الشاهقات وما تخفي من البقر الإنسيّة العين

تحيا النفوس بريّاها، إذا نفحت وخرّشت بين أوراق الرّياحين

مناظر ذات أبواب مفتّحة أنيقة بزخاريف وتزيين

فيها القصور التي تهوي، بأجنحة، بالزائرين إلى القوم المزورين

علي بن الحسين الواسطي (توفي 919)

ألدار السلام في الأرض شبه؟ معجز أن ترى لبغداد مثلا

مربع للقلوب فيه ربيع متوالٍ إذا الربيع تولى

بلدة يستفاد فيها المعالي والمعاني علماً وجداً وهزلا

محمد مهدي الجواهري

كما يضم المعرض أعمالاً بصرية مرتبطة بالشعر، مثل هذه اللوحة للفنان حسن المسعودي، والتي تحمل بيت شعر للشاعر محمد مهدي الجواهري يقول فيه:

بغداد يا قلب العراق ووعیه وضمیره، لا زعزعتك رياح

Insert text here

بغداد يا قلب العراق ووعيه وضميره، لا زعزعتك رياح

حسن المسعودي (مواليد 1944). اقتباس من قصيدة لمحمد مهدي الجواهري (1899 – 1997). فرنسا، باريس، 2013. حبر وأصباغ على ورق. ممتلكات الفنان. © 1960 حافظ الدروبي

ابن خلدون (1332 – 1406)

إضافة إلى الشعر، وصف ابن خلدون بغداد في مقدمته قائلاً:

"..وربما عولي على الحيطان أيضاً بقطع الرخام أو الآجر أو الخزف أو بالصدف أو السبج يفصل أجزاء متجانسة أو مختلفة وتوضع في الكلس على نسب وأوضاع مقدرة عندهم يبدو به الحائط للعيان، كأنه قطع الرياض المنمنمة.."

اعرف أكثر

لمزيد من المعلومات عن الشعر في تاريخ بغداد وعن تاريخ المدينة الأسطورية الحافل بالعلم والشعر والموسيقى والهندسة المعمارية الاستثنائية يمكنكم زيارة معرض بغداد: قرة العين المقام في متحف الفن الإسلامي حتى 25 فبراير 2023.

علي الزهيري - أخصائي تحرير محتوى أول في متاحف قطر