كل الطرق تؤدي إلى الدوحة: المدن كمصدر إلهام إبداعي

س: ما هو الدور الذي تعتقد أن تلعبه المدن في حياة الفنانين والمبدعين والمصممين؟

ماسيميليانو جيوني: تاريخ الفن المعاصر - أو بالأصح، تاريخ الفن بأكمله - هو أيضاً تاريخ المدن حيث يجتمع فيها الفنانون ورعاة الفن. ببساطةٍ وبصداقةٍ تامة، يمكننا ربط الدور الذي تلعبه المدن في الفن بما حدث في فلورنسا خلال عصر النهضة وباريس في بداية القرن العشرين ونيويورك بعد الحرب العالمية الثانية. في السنوات الأخيرة، شجعنا مؤرخو الفن والقيّمون على التفكير مستخدمين وجهات نظر متعددة لألحان لتاريخ الفن. إن فكرة وجود مركز واحد يهيمن على الخطاب الفني قد تم تجاهلها تماماً الآن، ولكن هذا ما أدى إلى تكوين رؤية متعددة المراكز للفن، حيث تقوم العديد من المدن والمراكز المتعددة بتطوير لغات مختلفة ومتوازية في وقت واحد.

برزت الدوحة كمركز مهم في السنوات القليلة الماضية ومن المثير للاهتمام أنها تنظر أيضاً إلى تواريخ مدن أخرى وعلاقتها مع الفن؛ فقد نظرت الدوحة إلى روما من أجل "فالنتينو إلى الأبد" وكذلك بغداد من أجل عرض "بغداد: قُرَّةُ العين" في متحف الفن الإسلامي.

س: هل هناك شيء مرتبط بمدينة روما، كمثال، والذي كان ضرورياً جداً لتطوير جمالية فالنتينو؟

جيوني: من الواضح أن روما لديها تاريخ طويل كعاصمة للفنون، فتاريخها يعود إلى أكثر من ألفي عام. خلال فترة اختيار فالنتينو لها كمقر لدارته التي تأسست حديثاً وأيضاً كمصدر ثري للإلهام لعمله، بالتأكيد لم تكن وقتها روما مركزاً للأزياء؛ في تلك الفترة كانت الأزياء تنجذب نحو فلورنسا وباريس. لكنها كانت في ذروة حركة ما بعد الحرب والتي شملت الفنون البصرية والسينما على وجه الخصوص - مع انفجار حركة الفن الواقعية الجديدة والموهبة الناشئة لفيديريكو فيليني و "دولتشي فيتا" التابعة له - بالإضافة إلى الأدب وبشكل عام نمط الحياة أو نوعية الحياة التي جذبت الناس من جميع أنحاء العالم.

أعتقد أن فالنتينو وجد في روما ما يسميه المديرُ الإبداعي الحالي للدار، بييرباولو بيتشولي، جمالاً بلا مجهود: شكلاً قديماً من الجمال ولكنه متجدد باستمرار في الحياة اليومية - نوع من الإلمام العفوي بالجمال والتاريخ، تجربة هذا الفن لا تكمن في ثقله وإنما كحوار مستمر مع الكلاسيكية ومع فكرة إبداعية متعددة الطبقات ومتعددة الألحان.

س: هل ترى أي علاقة بين روما والدوحة؟

جيوني: لطالما أمزح أنه إذا كان هناك مكان واحد يمكن أن تُبنى فيه روما في يوم واحد، فإن الدوحة هي بالتأكيد ذلك المكان: الطريقة التي احتضنت بها الدوحة المستقبل والطريقة التي قررت بها إعادة بناء نفسها طرقٌ استثنائية للغاية. وفي الدوحة يتعايش هذا الالتزام بالمستقبل مع انعكاس دائم لأصوله وتاريخه.

دون الرغبة في التبسيط المبالغ، ودون الرغبة في إنشاء مقارنة خطيرة، يمكن للمرء أن يقول إن الدوحة بالتأكيد هي مركز العلاقات المتعددة للقوة والتأثيرات في الوقت الحاضر، حيث تقع على مفترقِ طرقٍ بين الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا، وقد بذلت جهوداً واعيةً للنظر إلى الثقافة والفن كلغات يمكن أن تجمع الناس معاًُ من خلال كونها مكاناً يمكن أن يلتقي فيه أشخاص من لغات وثقافات مختلفة.

ماسيميليانو جيوني هو المدير الفني لمتحف "نيو ميوزيوم" New Museum في مدينة نيويورك.