في عام 1964، بعد عدة سنوات من صقل حرفته في مدريد وروما وباريس ونيويورك، عاد الرسام والمصمم والناشط الثقافي محمد مليحي إلى وطنه المغرب، ليمتهن التدريس في المدرسة التحضيرية للفنون الجميلة بالدار البيضاء، حيث التزم بتعزيز الثقافة الوطنية في سياق استقلال المغرب عن فرنسا.
في رؤيته النظرية، سلّط محمد مليحي الضوء على الفروق بين المنظور الفني للفنان الغربي والفنان العربي، حيث قال: "يدعو فننا إلى التأمل والإبداع خارج النطاق الواقعي، فربما يبدو وكأنه ثابت واصطناعي لكنه يتخطى هذا المنظور لأنه يمثل الحركة"
تخلّى مليحي عن الأساليب الغربية التي تبناها في بدايات حياته المهنية لاستكشاف ثراء التراث الفني العربي الإسلامي، وأصبحنا نرى في أعماله الفنية مشاهد طبيعية فريدة تتصدرها الموجة الشهيرة التي باتت ملمحاً مميزاً لفنه التشكيلي.
مكّن هذا التحوّل الفنان من تجذير أعماله من خلال بعض المنابر أهمها المجلة الفرنكوفونية "انتغرال" عام 1971، حيث غلب على أعماله فيها شكل الموجة المُلتهبة، رمز الاتصال الكوني بين الشمس والأفق والبحر. ومع ذلك، تسلّلت مفردات تعبيرية جديدة للوحاته على مرّ حياته، خاصةً في سلسلة لوحاته في الثمانينيات، ولا سيمّا لوحة القمر الأزرق (1984).