txt
جميع القصص

فائق حسن: الاحتفاء بالحياة الشعبية العراقية

23 أبريل 2024

بقلم آرثر ديبسي

يسلط متحف: المتحف العربي للفن الحديث الضوء على أعمال أحد أبرز الرسامين العراقيين في التاريخ الحديث.

المشاركة مع صديق

كان فائق حسن (1914 – 1992) من أوائل طلاب الفن العراقيين الذين استفادوا من المنحة الحكومية للدراسة في الخارج عام 1935. وبعد ثلاث سنوات في بغداد، تم تعيينه مديراً لمعهد الفنون الجميلة الذي افتُتح حديثاً، وترأسه حتى عام 1962. ولأن فائق حسن اضطلع بهذا الدور الهام، فقد كان جزءاً من جيل "الرواد" الذي نفذ فنانوه رؤية فنية مبتكرة في البلد.

وعلى الرغم من أن فائق حسن لم ينضم رسمياً إلى جماعة بغداد للفن الحديث عند تأسيسها في عام 1951، فإنه التزم بمفهومها الفني المتمثل في استلهام التراث كما يظهر في اللوحة التي تحمل عنوان "المرأة والقنوان" والمؤرخة بين عامي 1950 و1959.

ويُظهر العمل الفني، المعروض في صالة العرض 8 ضمن المجموعة الدائمة لمتحف، امرأة عراقية موجودة في ما يبدو كقرية. حيث تقف في منتصف العناصر المكوّنة للوحة وهي ترتدي الشادور الأسود، وهو زي فضفاض تقليدي ترتديه النساء الشيعيات، وتحمل سلة بها غصن تمر. كان تصوير حياة الناس اليومية في الريف سمة من سمات الرسام، الذي يسعى للجمع بين الحداثة والجماليات القديمة.

txt

فائق حسن، المرأة والقنوان، 1950 – 1959، ألوان زيتية على لوح، 75x61 سم. بإذن من متحف: المتحف العربي للفن الحديث.

في لوحة "المرأة والقنوان"، اعتمد فائق حسن الأسلوب الحديث اعتماداً فعّالاً، مع احتفاظه بأسلوب الإنتاج الفني في بلاد الرافدين القديمة. ومن خلال رسم خطوط سوداء رفيعة، اختصر فائق العناصر المختلفة على هيئة أشكال مجردة، كان أغلبها متعدد الأضلاع، ومتداخلة مع بعضها. يبرز الجانب الأولي للعمل في السمات النمطية للشخصية، التي تذكرنا أعينها اللوزية بشكل واضح بتلك الأعين المزخرفة في المنحوتات السومرية من الألفية الثالثة قبل الميلاد. ومن ناحية أخرى، استخدم الفنان الألوان الترابية، بما فيها البني والأحمر الداكن، والتي تذكرنا ألوانها بألوان المصنوعات اليدوية مثل الفخار والمنحوتات، التي كانت تستخدم في العصور القديمة في بلاد ما بين النهرين. ومن خلال القصة التي أخذت فيها المرأة قنو التمر من النخلة المجاورة لها، فقد تخيلها الرسام العراقي على أنها تمثل الشعب العراقي، خير من يستغل ثروات بلده.

كانت صناعة فن البورتريه تقتصر على الشخصيات المهمة، في بداية صناعتها التقليدية؛ إلا أن الفنان يجسد في هذا العمل الفني شخصية عادية من الطبقة العراقية الكادحة. ومن ثم، فإن الموضوع التصويري في "المرأة والقنوان" يرتبط بالشعور بالقومية والوطنية اللذين كان منسوبهما يتزايد بين السكان المحليين. أُنتج هذا العمل الفني خلال العقد الأخير من عهد المملكة العراقية الموالية لبريطانيا، والتي أطاحت بها الثورة التي قادها عبد الكريم قاسم (1914-1963) في 14 يوليو 1958.

ويمكننا القول إن الفنان فائق حسن استعاد كرامة الشعب العراقي، مثلما فعل محمود مختار مع الشعب المصري قبل 20 عاماً، بطريقة أو بأخرى، وذلك من خلال الرجوع إلى روابطه التاريخية مع حضارة وأرض عمرها آلاف السنين؛ وبالتالي منح الشرعية لذلك الطموح إلى استقلال وطني.

خطط لزيارة متحف

الدخول إلى متحف مجاني ويشمل زيارة المعرض وصالات العرض الدائمة. احجز تذكرتك المجانية مسبقاً لاختيار الفترة الزمنية المفضلة لديك.