تُقدم متاحف قطر، المؤسسة الأبرز للفنون والثقافة في دولة قطر، هذا الخريف معرضيْن رائديْن يحتفيان بحياة ومسيرة المعماري الذي صمّم متحف الفن الإسلامي، آي. إم. باي (إيوه مينغ باي،1917-2019)، أحد أبرز المعماريين المؤثرين في القرن العشرين. يُنظَّم آي إم باي: العمارة تُشكِّل الحياة في جاليري متاحف قطر– الرواق، بالتعاون مع متحف الثقافة البصرية "M+" في هونغ كونغ، وهو أول معرض استعادي شامل يرصد المسيرة المهنية لباي التي امتدت لسبعة عقود. أما معرض إي. إم. باي وتصميم متحف الفن الإسلامي: من المربع إلى المثمّن ومن المثمّن إلى الدائرة، الذي ينظّمه متحف الفن الإسلامي بالتعاون مع متحف مطاحن الفن المزمع افتتاحه مستقبلًا، فيقدّم قراءة معمّقة لتصميم المعماري لأحد أبرز معالم الدوحة الثقافية. وابتداءً من 30 أكتوبر 2025، سيمنح المعرضان جمهورهما رؤية ثنائية غير مسبوقة حول هذا المعماري العالمي ذائع الصيت.
أشرف "M+" على التقييم الفني لمعرض آي. إم. باي: العمارة تُشكّل الحياة المتنقل ونظّمه عام 2024، وهو يضم أكثر من 400 قطعة من المعروضات، تشمل رسومات تخطيطية أصلية، ونماذج معمارية، وصورًا فوتوغرافية، وأفلامًا، ومواد أرشيفية من مقتنيات مؤسسات وجهات خاصة، تكشف عن الرؤية الفريدة لهذا المعماري العبقري. امتدت إنجازات باي على نطاق عالمي؛ من المبنى الشرقي للمعرض الوطني للفنون في واشنطن العاصمة، إلى تحديث متحف اللوفر الكبير في باريس، وبرج بنك الصين في هونغ كونغ، ومتحف الفن الإسلامي في الدوحة، وكلها أعمال حاضرة بشكل بارز في المعرض. ويُتيح معرض آي. إم. باي: العمارة تُشكّل الحياة، من خلال تتبّع مسيرة باي ضمن سياقات الواقع الجيوسياسي المعقد والإرث الثقافي للقرنيْن العشرين والحادي والعشرين، الاستعراض الأشمل الذي يجمع أعماله تحت سقف واحد على الإطلاق.
صرحت سعادة الشيخة ريم آل ثاني، نائب الرئيس التنفيذي لمتاحف قطر بالوكالة للمعارض والفن العام ورباعية قطر، قائلة: "يشرّفنا في متاحف قطر أن نستضيف »آي. إم. باي: العمارة تُشكّل الحياة»، وهو معرض بارز يقدّم رؤى معمّقة حول حياة أحد أعظم المعماريين في العصر الحديث وأثره. كما نتوجّه بخالص الشكر والامتنان لمتحف الثقافة البصرية "M+" في هونغ كونغ على دورهم المحوري في إحضار هذا المعرض إلى الدوحة، في تجسيد حيّ لروح التعاون الدولي وتبادل الأفكار بين الثقافات. ومن خلال استعراض أعمال باي في قلب المشهد الثقافي المتطوّر في قطر، نؤكد التزامنا الراسخ بتعزيز الحوار العالمي في مجاليْ الفن والعمارة. كما يسُرّنا أن نعلن عن إطلاق سلسلة من ورشات العمل المعمارية بالتعاون مع معماريين مرموقين وجامعات رائدة، ما يُتيح فرصًا تعليمية فريدة، تركز على توسيع إدراك البعد التحويلي للعمارة وقدرتها على تشكيل الفضاء ومقومات المجتمع معًا".
أما معرض إي. إم. باي وتصميم متحف الفن الإسلامي، فيسلّط الضوء على رحلة المعماري في سعيه إلى استكشاف "جوهر العمارة الإسلامية"، وعلى العملية الإبداعية التي قادته إلى ابتكار تصميم المتحف، والذي تولى تشييده عام 1999 بتكليف من صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الأمير الوالد. ومن خلال رسومات ونماذج الأصلية، وصور فوتوغرافية، ووثائق أرشيفية، وعدد من أوائل المقتنيات من مجموعة المتحف، إضافة إلى فيلم جديد أُنتج خصيصًا بهذه المناسبة، يرصد المعرض مراحل تصوّر العمل وإنجازه.
وفي معرِض حديث السيدة شيخة ناصر النصر، مدير متحف الفن الإسلامي، عن معرض "إي. إم. باي وتصميم متحف الفن الإسلامي"، قالت: "لقد أصبح المتحف، باعتباره تحفة معمارية أبدعها آي. إم. باي، مصدر إلهام ومحط إعجاب لكل من ولج فضاءاته البديعة، وأضحى اليوم رمزًا عالميًا تتمايز به الدوحة وتُعرف من خلاله في أرجاء العالم. وإننا لنعرب عن امتناننا الشديد لجميع المساهمين في إنجاز هذا المعرض، الذين أتاحوا لنا فرصة سرد حكاية مبنى أصبح ركيزة أساسية، ليس لمتحفنا فحسب، بل للعالم أجمع."
سيصاحب المعرضين، المستمرّين حتى 14 فبراير 2026، برنامج عام متكامل يضم سلسلة من المحاضرات يقدمها معماريون وباحثون في المجال، إلى جانب جولات يقودها قيّمو المعرضين، وورشات عمل متخصصة، فضلًا عن أنشطة تعليمية موجهة للعائلات وطلاب المدارس. وتمنح هذه الفعاليات معًا فرصة استثنائية للتعرّف على الإرث الإبداعي الشامل لآي. إم. باي، ابتداءً من ممارسته العالمية ذات الطابع التحويلي، وصولًا إلى بصمته الراسخة في قطر.
آي. إم. باي: العمارة تُشكّل الحياة
يُقدَّم هذا المعرض في ستة أقسام موضوعية، تستكشف كيف انخرط باي في عمله ضمن سياقات اجتماعية وثقافية وحياتية متباينة.
والأقسام هي كالآتي:
● أسس باي العابرة للثقافات: يستعرض هذا القسم كيف مكنت نشأة باي وتعليمه من مزج التأثيرات الثقافية المختلفة، والجمع بين الأصالة والتجديد.
● العقارات وإعادة تطوير المدن: يكشف عن مرحلة أقل شهرة من مسيرة باي حين عمل كمطوّر عقاري في شركة ويب آند ناب بنيويورك، مستعرضًا إسهاماته في التخطيط متعدد الاستخدامات، والإسكان، ومشاريع إحياء المدن في ستينيات القرن العشرين، وما تلاها من مشاريع امتدت إلى ما وراء حدود الولايات المتحدة.
● الفن والطابع المدني: يُسلط هذا القسم الضوء على تصاميم باي للمتاحف وتعاونه المتكرر مع الفنانين، من هنري مور إلى زاو وو-كي، موضحًا إيمانه العميق بأن المتاحف فضاءات للعرض ومنصات للحوار بين الفن المعاصر والعمارة.
● السلطة والسياسة والرعاية: يكشف هذا القسم عن كيفية استثمار باي لبراعته التقنية، وعبقريته في حل المشكلات، وحسّه البديع تجاه احتياجات العملاء، ليصبح شريكًا موثوقًا في مشاريع رفيعة المستوى جلبت الدعم الواسع وأثارت النقاش العام خلال مسيرته.
● الابتكار في المواد والبنية: يبرز هذا القسم ابتكارات باي في استخدام المواد وطرق البناء، مع التركيز على استخدامه للخرسانة، والحجر، والزجاج، والفولاذ.
● إعادة تفسير التاريخ من خلال التصميم: يعرض هذا القسم اهتمام باي الطويل بجعل العمارة الحديثة متجاوبة مع مختلف المراحل التاريخية والتقاليد وأساليب الحياة، لا سيما المرتبطة بمكان ولادته، كما يوضح كيف صاغ باي الأنماط الثقافية والتاريخية في حلول شكلية ومكانية تلبي الاحتياجات المعاصرة.
نُظِّم المعرض بدعم من مؤسسة إرث آي. إم. باي وشركة باي كوب فريد وشركاه للهندسة المعمارية التي أسسها باي، ويأتي تقييمه الفني بقيادة شيرلي سوريا، القيّم الفني للتصميم والعمارة في متحف الثقافة البصرية "M+"، وأريك تشين، مدير مؤسسة زها حديد في لندن. وقد أطلق متحف الثقافة البصرية "M+" معرض "آي إم باي: العمارة تُشكِّل الحياة " الذي نُظّم أول مرة في هونغ كونغ من يونيو 2024 إلى يناير 2025، ثم بدأ بعد ذلك جولته العالمية في متحف "محطة كهرباء الفن" في شنغهاي من أبريل إلى أغسطس 2025، محققًا أكثر من 163,000 زيارة.
قالت سوهانيا رافيل، مدير متحف الثقافة البصرية "M+": "يعكس معرض آي. إم. باي: العمارة تُشكّل الحياة سبع سنوات من البحث الجاد والتفاني، ليقدّم أول استعراض استعادي شامل لإرث باي الملهم، وكان قد شهد أول افتتاح له في "M+" في هونغ كونغ شهر يونيو 2024. نحن مسرورون بالنجاح الكبير الذي حققته الجولة الأولى للمعرض في شنغهاي، وفخورون بمواصلة رحلته في الدوحة بالتعاون مع متاحف قطر. وللمعرض في الدوحة وقع خاص، إذ يبرز أحد أهم مشاريع باي، وهو متحف الفن الإسلامي، الذي يعكس حسّه العميق بالمكان والثقافة. وتؤكد هذه الشراكة الدولية التزامنا بنقل إرث باي عالميًا، وتعزيز حوارات ثقافية هادفة، وإلهام جماهير جديدة، بما يتناغم مع رسالة متحف الثقافة البصرية "M+".
آي. إم. باي وتصميم متحف الفن الإسلامي: من المربع إلى المثمن ومن المثمن إلى الدائرة
يأخذ معرض إي. إم. باي وتصميم متحف الفن الإسلامي الزوار في جولة إلى كواليس واحد من أكثر التحف المعمارية شهرة في القرن الحادي والعشرين. يأتي الحدث بتقييم فني لأوريليان ليمونييه، قيّم متحف مطاحن الفن للعمارة والتصميم والحدائق، وزميلته في نفس المتحف زهرة خان، قيّم الفن الحديث والمعاصر، بتعاون وثيق مع الدكتورة منية شخاب أبو دية، نائب مدير متحف الفن الإسلامي للشؤون المتحفية. كما يستعرض الرحلة الإبداعية التي خاضها باي، ساعيًا لاستخلاص "جوهر العمارة الإسلامية" وتجسيده في تصميم متحف الفن الإسلامي، المؤسسة التي أعلنت عن حضور قطر الثقافي العالمي عند افتتاحها عام 2008.
من خلال نماذج معمارية، ووثائق أرشيفية، وأعمال فنية خالدة، ومقابلات مصورة كُلِّف بإجرائها خصيصًا لهذه المناسبة، يقدم معرض آي. إم. باي وتصميم متحف الفن الإسلامي نظرة غير مسبوقة على الرؤية الجريئة والدقة الحِرفية التي شكّلت هذا المعلم الثقافي في الخليج.
يتوزع العرض على سبعة أقسام، يبدأ بالمواد النادرة من مسابقة العمارة الدولية لعام 1997، التي أُجرِبت لاختيار معماري لتصميم متحف الفن الإسلامي، بما في ذلك الرسومات والصور الأرشيفية لمقترحات زها حديد، وتشارلز كوريا، وراسم بدران. وقد نجحت القيادة في قطر في إقناع باي بالخروج من التقاعد وتولي هذه المهمة. وجاءت رحلته البحثية عن الإلهام لتشمل مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وتوّجت بزيارة نافورة الوضوء في مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة، حيث اتبع التصميم تدرجًا هندسيًا من المربع إلى المثمن ثم إلى الدائرة، وهو المبدأ الذي أصبح دليله في إبداع تصميم المتحف.
يضم المعرض أيضًا لوحات وصورًا فوتوغرافية من مقتنيات متاحف قطر تمثل المواقع التاريخية التي غذّت رؤية باي ودرسها بدقة، منها لوحة مائية تعود للقرن التاسع عشر بعنوان "بوابة فتحبور سيكري"، وصورة مطبوعة بالألبومين للملك ناصر الدين شاه بعنوان "ضريح زبيدة زوجة هارون الرشيد". ومن أبرز المعروضات الأخرى رسومات تخطيطية أصلية ونماذج أولية لباي، أُعيد اكتشافها في مكتبه بنيويورك وتبرعت بها مؤسسة إرث آي. إم. باي لمتاحف قطر، بما في ذلك نموذج مقطعي مفصّل لمتحف الفن الإسلامي ونموذج جزئي لواجهة المدخل الرئيسي، لتُظهر كيف حوّل المعماري المفهوم إلى شكل ملموس.
تتقاطع قصة المبنى مع قصة مجموعة مقتنيات متحف الفن الإسلامي المذهلة على امتداد المعرض، فحينما أُجرِي التواصل مع باي في البداية، كانت مقتنيات المتحف محدودة، غير أن دولة قطر تمكنت خلال سنوات وجيزة من جمع روائع من شتى أنحاء العالم الإسلامي. ويقدم المعرض مجموعة من أوائل هذه المقتنيات التي تجسد عمق الفن الإسلامي وغناه، وتُبرِز رؤية المتحف في تقديم "جوهر" هذا الفن، ومنها: أسطرلاب يعود إلى القرن العاشر، ويعدّ من أقدم النماذج المسجلة المعروفة في العالم، من مجموعة المقتني جاسم الحميضي؛ وقطعة شطرنج منحوتة ببراعة من العاج النورماندي تعود للقرن الثاني عشر من صقلية؛ ومشكاة مسجد أنيقة صُنعت للسلطان الناصر محمد بن قلاوون في القاهرة خلال القرن الرابع عشر؛ بالإضافة إلى نسخة متميزة من كتاب صور الكواكب الثابتة لعبْد الرحمن الصوفي.
وتستعرض الأقسام الأخيرة المعارض التمهيدية التي نُظِّمت قبل اكتمال المتحف، وافتتاح متحف الفن الإسلامي عام 2008، وما خلّفه من تأثير دائم على الدوحة والمنطقة والعالم. ويجسد نموذج ضخم لحديقة المتحف إلى جانب نموذج لمنحوتة ريتشارد سيرا الشهيرة "7"، وكلاهما أهدتهما مؤسسة إرث آي. إم. باي، المكانة الفريدة للمتحف الذي يعد معلمًا ثقافيًّا بارزًا وفي الوقت نفسه ملتقى عامًا للجمهور.
البرامج العامة
وبالتزامن مع معرض "آي إم باي: العمارة تُشكل الحياة"، سيتم إطلاق برنامج جديد بعنوان "العمارة والتصميم – تحويل الرؤية إلى حوار عالمي" في سلسلة من البرامج التي تُشكّل منصة متاحف قطر الجديدة للنقاش المعماري. ويضم البرنامج باقة متنوعة من المعارض، وورشات العمل، والمحاضرات، والعروض السينمائية، والشراكات الأكاديمية، ليؤسس ملتقى معماري عالمي يحتفي بالعمارة، ويفتح آفاق النقاش، ويعيد استكشاف حدود الممكن، ويستشرف المستقبل. وبقيادة عدد من أبرز المكاتب المعمارية العالمية، من بينهم فيليب ستارك، ومكتب لينا الغطمة للهندسة المعمارية، ومكتب هيرتزوغ ودي مورون، يشجّع البرنامج على التعلم العملي، ويعزز الحوار بين الثقافات، ويفتح المجال للتجريب والابتكار. وينفذ البرنامج بالتعاون مع جامعات محلية ودولية، ليستهدف كلًا من الطلاب والجمهور العام، بالتوازي مع فعاليات ثقافية كبرى مثل قطر تُبدِع، وآرت بازل، ودوحة التصميم، في توثيق للصلة بين إرث باي والقضايا التي تصوغ العمارة في عصرنا الحالي.
إلى جانب ذلك، ستُقام مجموعة واسعة من الفعاليات الموجهة للجمهور العام في متحف الفن الإسلامي وجاليري متاحف قطر - الرواق، تشمل جولات برفقة قيمي المعرض، وورشات عمل متخصصة، وجلسات سرد القصص للأطفال، وأنشطة لليافعين ضمن برنامج "نادي كوكب اليافعين"، ما يثري تجربة الزوار ويكمل مضمون المعرضين.
يُقدَّم كل من معرض "آي إم باي: العمارة تُشكل الحياة" ومعرض "آي. إم. باي وتصميم متحف الفن الإسلامي: من المربع إلى المثمن ومن المثمن إلى الدائرة" ضمن فعاليات حملة أمة التطور، وهي حملة تستمر 18 شهرًا تُكرّم المسيرة الثقافية لقطر على مدار الخمسين عامًا الماضية، منذ تأسيس متحف قطر الوطني. وبتنظيم "قطر تُبدِع"، الحركة الوطنية التي تُرسّخ مكانة قطر كمركز عالمي للفن والثقافة والإبداع، تُسلّط حملة "أمة التطور" الضوء على المحطات الثقافية للدولة وتطلعاتها المستقبلية. ويُقام المعرضان ضمن إطار مبادرة الأعوام الثقافية التي تحتفي برؤية المعماري باي العابرة للثقافات، حيث يُمثّل متحف الفن الإسلامي في الدوحة الذي صممه رمزًا للتبادل الثقافي بين قطر والعالم.
ملاحظات للمحررين:
آي إم باي: العمارة تُشكِّل الحياة
30 أكتوبر 2025 – 14 فبراير 2026
جاليري متاحف قطر – الرواق
من تنظيم "M+" بالتعاون مع متاحف قطر
آي. إم. باي وتصميم متحف الفن الإسلامي: من المربع إلى المثمن ومن المثمن إلى الدائرة
30 أكتوبر 2025 – 14 فبراير 2026
متحف الفن الإسلامي