دعوة مفتوحة: بيتي بيتك – ماذا يعني لك "البيت"؟

هذه البيوت مع والدتي خلال زيارتها للأهل والأقارب . بيت من الذاكرة .. تصوري لحال البيوت القديمة في قطر مما اختزلته ذاكرتي أيام الطفولة حيث كنت أرتاد.

ماتت جدتي، فانطفأ نور البيت. لم تكن مجرد امرأة، كانت روح المكان، كانت دفء الجدران ورائحة القهوة في الصباح. كانت ضحكتها تبعث الحياة في الزوايا، وصوتها يمنح الطمأنينة. برحيلها، صار البيت صامتاً، بلا طعم، بلا بهجة. حتى الشمس التي تدخل النوافذ أصبحت باردة. كل شيء تغيّر، حتى طعامها الذي كنا نعدّه معها، صار بلا نكهة. أفتقدها في كل لحظة، في التفاصيل الصغيرة، في الوقت الذي لا يمضي، في الحياة التي لم تعد لذيذة. رحلت جدتي… فرحل البيت معها، وبقي الحنين يسكنني

تُحضِر جدّتي طبق جدّي المفضّل – ورق العنب – ولا تزال تصنعه منذ وفاته. بإيقاع يديها الهادئتين، تجد دائماً طريقة لتتذكره ولتبقى قريبة من الأشياء التي أحبّها. التُقطت هذه الصورة بعدسة فيلم أبيض وأسود مقاس 35مم، لتوثّق كيف يستمر الحب عبر الطقوس اليومية. بالنسبة لي، المنزل ليس مكاناً بل فعلٌ—فعلُ الحفاظ على ذكرى شخص ما عبر الاهتمام.

البيتُ يختبئ في فنجانٍ صغير من القهوة التركية. في الطحل يستقر صدى الطفولة؛ صوت الدلّة وهي تُحرَّك على النار، ودفء الاحترام المُقدَّم للضيف. فالمثل الشائع "فنجان قهوة يذكر أربعين سنة" يصف في جوهره معنى البيت ذاته—مكان الاجتماع، والتسامح، والذكرى. تبدأ الرحلة بفنجانٍ واحد في مجلس الخطوبة، وتمتد عبر فناجين القهوة المتبادلة بين الجيران. فالوطن لا يسكن الجدران، بل يقيم في الذاكرة، وفي الطقس، وفي تلك السكينة التي ترتفع مع بخار القهوة.