اشتهر آي إم باي بتصميم المتاحف، ولكن أهمية متاحفه لم تكن في تصاميمها الأيقونية وحسب. تميز نهج باي المعماري بفهم عميق لكيفية تفاعل الناس مع مختلف أنواع الفنون، وإيمانه بأن المتاحف يجب أن تكون مساحات عامة جذابة للجمهور. كثيراً ما كان باي يكلّف فنانين بتصميم أعمال فنية، غالباً ما تكون منحوتات ضخمة، ويقوم بدمجها في المتاحف، والمصارف، ومشاريع الإسكان التي صممها. وقد عبّر ذلك عن إيمانه بالحوار المتبادل بين الفن والعمارة، وارتباطه الوثيق بفناني عصره، وتقديره الكبير لدور الفن في تعزيز تفاعلنا مع المساحات.

الفن والتصميم الحضري
يسلّط هذا القسم من المعرض الضوء على أبرز مشاريع آي. إم. باي، المعمارية في عالم المتاحف، ويوضّح كيف جمع بين الفنّ والعمارة وتجربة الزوّار في رؤية متكاملة ومبتكرة.
باي في الإعلام: الشهرة والجدل
يمتد تأثير باي إلى ما هو أبعد من أعماله المعمارية الأيقونية؛ فمشاريعه رفيعة المستوى، التي تحظى بالاحتفاء وفي أحيان كثيرة تثير الجدل، قادرة على تشكيل هوية المدن والاستحواذ على اهتمام الثقافة الشعبية عبر القارات. تستعرض هذه القاعة مجموعة مختارة من المجلات، والصحف، والتغطيات التلفزيونية التي يظهر فيها المعماري آي إم باي.
متحف الفن الصيني في شنغهاي (1946)
اقترح باي لرسالة الماجستير تصميماً لمتحف في شنغهاي معني بعرض الأعمال الفنية من مختلف الحقب التاريخية في الصين. تأمل باي استلهام الفنانين الصينيين تقليدياً من الطبيعة، لذا كان ينبغي أن يكون المتحف مساحة تجمع بين الفن والطبيعة في تجربة متكاملة. يتميز التصميم بترابط المساحات الداخلية والخارجية كصالات العرض والأفنية المنسقة، ما يخلق فضاءات تعزز الترابط الاجتماعي. كما يشتمل المتحف على جناح للشاي في الحديقة المركزية، يمكن الوصول إليه عبر ممر مائل يربط بين الطابقين السفلي والعلوي. ويعكس التصميم رؤية باي للمتحف كمنصة للقاءات الثقافية والاجتماعية.
متحف هربرت إف جونسون للفنون (1968–1973)، جامعة كورنيل، إيثاكا، نيويورك
صمّم باي وفريقه متحف هربرت إف جونسون للفنون في جامعة كورنيل بحيث يعزز الجمال الطبيعي للموقع. يقع المتحف على قمة تل، ويضُم ساحة خارجية للمنحوتات ونوافذ تطل على الأعمال الفنية مع المشهد الطبيعي المحيط. كما تم اختيار موقع المتحف بعناية مع الأخذ بعين الاعتبار ساحة الفنون التاريخية في الجامعة وجدول المياه المجاور، مما يعكس حساسية باي العميقة تجاه البيئات التاريخية والطبيعية.
توسعة مركز دي موين للفنون (1965–1968)، دي موين، آيوا
كُلّف باي بتصميم توسعة مركز دي موين للفنون بهدف استيعاب مجموعة المركز المتنامية من الأعمال النحتية الكبيرة. بالنظر إلى شكل المبنى القائم والشبيه بحذوة الحصان، أضاف باي هيكلاً خرسانياً ليغلق الحلقة، ما أدى إلى تشكيل فناء داخلي تحيط به مساحات العرض. وتسمح النوافذ الكبيرة والفتحات المتنوعة في الجدران والسقف بدخول الضوء الطبيعي إلى القاعات. كما أدمج باي تصميمه بانسجام مع التضاريس المنحدرة للموقع، حيث حرص على عدم حجب المبنى الأصلي الذي صممه المعماري الفنلندي الأميركي إلييل سآرينن.
المبنى الشرقي للمعرض الوطني للفنون (1968–1978)، واشنطن العاصمة
بحلول ستينيات القرن العشرين، أصبح المعرض الوطني للفنون بالولايات المتحدة في حاجة ماسّة إلى عملية توسعة. لكن التعامل مع قطعة الأرض التي خُصِّصت لمبنى التوسعة الجديد، والذي بات يعرف بالمبنى الشرقي، شكّل تحدياً بسبب شكلها شبه منحرف وغير المتناسق. إلا أن باي نجح بتحقيق أقصى استفادة من الموقع عبر رسمه لخط قطري يربط المبنى القديم بالجديد على محور شرق-غرب، مما قسم المساحة إلى قسمين ونتج عنه تصميم المبنيين المثلثين: المتحف ومركز الأبحاث التابع له. ووزّع باي مساحات العرض داخل المتحف بين ثلاثة أبراج تحيط بفناء داخلي واسع في المركز، كما رُتبت صالات العرض بشكل متراص للحد من احتمالية إرهاق الزوار.
اللّوفر الكبير (1983–1993)، باريس
في عام 1981، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا ميتران باي لإعادة تصميم متحف اللّوفر. استندت عملية تجديد اللّوفر إلى فكرة توسعة مساحة المتحف لتشتمل على كامل المجمع ذو التصميم الشبيه بحذوة الحصان، بما في ذلك جناح ريشليو الذي كانت تشغله آنذاك وزارة المالية. تمّ الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع عام 1989، حيث شكّل الهرم الزجاجي المدخل المركزي الجديد للمتحف في ساحة نابليون. إلى جانب هذه الإضافة اللافتة، عمل باي على تحديث البنية التحتية للمتحف ككل، مما عزز عملية دمج اللّوفر مع النشاطات التجارية ونظام النقل في المدينة. كما مثّل تجديد جناح ريشليو إتمام المرحلة الثانية، التي وحدت المجمع المتحفي بأكمله.
متحف إيفرسون للفنون (1961–1968)، سيراكيوز، نيويورك
مثّل متحف إيفرسون للفنون أول تكليفٍ لباي في مجال تصميم المتاحف، وقد وصفته مجلة "بروغريسيف آركيتكتشر" بأنه "عمل فنّي يحتضن أعمالاً فنية أخرى". اكتمل بناؤه عام 1968، وكان أول مشروع يُنفّذ في وسط مدينة سيراكيوز ضمن جهود إحياء الحي. اقترح باي شكلاً نحتياً يتألف من أربعة مكعبات بارزة تعلو ساحة عامة. وفي الداخل، تحيط قاعات العرض الأربعة، التي تربطها ببعضها جسور داخلية، بفناء مركزي يتوسطه سُلّم حلزوني خرساني. حظي المتحف بإشادة واسعة من الأوساط المعمارية وخارجها، مما رسّخ سمعة باي كمعماري للمؤسسات الثقافية.
اعرف أكثر

آي. إم. باي: العمارة تُشكّل الحياة

العمارة والتصميم: تحويل الرؤية إلى حوار عالمي




